كنت أنا وصديقي تامر نستعد للذهاب إلى الحفل التنكرى المقام في منزل صديقنا حسام ..هذا الحفل الذي تم الإعداد والتحضير له طوال الشهر الماضي ليكون أفضل دعاية لشركة حسام الجديدة والتي سوف تتخصص في تسويق الملابس التنكرية و….
وبعد بحث طويل استقر رأينا على أن أتنكر أنا في هيئة الرجل الوطواط .. Batman..بينما اختار تامر أن يرتدى قناع وعباءة القاتل في فيلم الصرخة .. Scream !!
وبينما أنا مستغرق في أفكارى وارتدائي لملابسي التنكرية إذ بجرس الباب يدق .. إنه تامر ولا ريب .. دائما هو دقيق في مواعيده كساعة محطة القطار !!
فتحت الباب لأجده واقفاً أمامي مرتديا زيه التنكري الرهيب الذي أتقن ارتداؤه للدرجة التي أفزعتني بشدة قبل أن انفجر ضاحكا وأنا أقول :
– سوف يفقد الحضور أعصابهم دون شك إذا ما رأوك و …
بترت عبارتي وأنا أتطلع إلي القناع المخيف الذي يرتديه وأتخيل ردود أفعال الفتيات في الحفل وهو يطاردهم تماما كما حدث في الفيلم ،قبل أن أضيف في مرح وقد أعجبتني الفكرة:
– ولكن ينقصك سكين ضخم يا صديقي لكي يكتمل تنكرك و…
بترت عبارتي من جديد ..بل ابتلعتها ابتلاعا رغماً عني وأنا أتطلع إلي السكين الضخم الذي لوح به بعدما كان يخفيه وراء ظهره دون أن ألحظ وجوده مما جعلني أصرخ رغماً عني وأنا أهتف به في حنق :
– تباً لك يا تامر ..لقد أفزعتني بحق يارجل !!
ثم انتبهت إلي الدماء التي تقطر من طرف السكين فانفجرت ضحكاً وأنا أقول:
– هل اندمجت في الدور فقتلت البواب ؟ .. حسناً فعلت ..فهو دائماً نائم طوال اليوم ولا فائدة منه!!
وأشرت إليه بالدخول ريثما أنتهى من ارتداء ملابسي التنكرية و …
– تباً ..أنا بحاجة للذهاب إلى الحمام أولا !!
يبدو أنني تناولت معلبات سمك التونة بعد إنتهاء صلاحيتها كالمعتاد !!
قبل أن أدلف إلي الحمام رن هاتفي المحمول و …ماذا؟!!!
تامررر يتصل بك !!!
تامر من ؟!!
هل هي دعابة أخرى؟!
كان تامر واقفاً في الردهة أمامي وهو يوليني ظهره بينما هو يتصل الآن على الهاتف !!
كتمت صوت الهاتف قبل أن أفتح الاتصال و ..
– سامحني يا صديقي لن أتمكن من الذهاب معك إلي حفل حسام ..يبدو أن ضغط دمى قد عاود الانخفاض من جديد ..لقد هاتفت الطبيب وهو في الطريق إلي و ….
لم أسمع باقي عبارته ..ويبدو أن إنخفاض ضغط الدم مرض معدي ينتقل عبر الهاتف!!!
فمع الحرف الأول الذي نطقه تامر هاتفيا .. كان تامر الذي أراه أمامي يلتفت في بطء شديد ناحيتي ويرفع السكين المخضب بالدماء عاليا قبل أن ينقض على و ….
– Cuuuuuuuuutttttttt !!
صرخ بها المخرج لينهي تصوير المشهد معلنا انتهاء تصوير آخر مشاهد الفيلم الجديد !!
وتحول الاستديو إلي خلية نحل بينما توجهت أنا إلي غرفة تبديل الملابس لكي أخرج من عباءة الرجل الوطواط ومن عباءة الشخصية التي أقوم بها في الفيلم و…
طرقات منتظمة على باب غرفتي قطعت أفكارى قبل أن تبدأ و…
– تفضل بالدخول !
انفتح الباب ليظهر على عتبته عم عثمان الذي استخدمه المخرج في مشهد وحيد ليقوم بدور بواب العمارة في الفيلم و ..
– اهلا عم عثمان ..كيف حالك؟
بدا الرجل متوتراً بشدة وهو يتلفت يميناً ويساراً قبل أن يقول في صوت خافت :
– هل يمكنني أن آخذ من وقتك خمس دقائق يا أستاذ مجدي؟!
ابتسمت وقد فهمت قصده فأخرجت من جيبي بعض النقود وناولته إياها فارتد إلي الوراء فزعاً وهو يلوح بيديه:
– لا لا …لا أريد مالا .. الأمر غير ذلك… صدقني.
دعوته للدخول فدخل وأغلق الباب خلفه واقترب مني وهو يقول في صوت خافت :
– يجب أن تخرج حالا من هذا الاستوديو !!
أجبته بابتسامة مستفسراً :
– ماذا تعني يا عم عثمان ؟ ..هل طلب المخرج ذلك ؟!
هز رأسه نفياً في حدة وهو ينتفض قائلا في صوت مرتعش :
– لا …لم يطلب المخرج ذلك لأنه ..لأنه …
وارتسمت على وجهه أشنع علامات الرعب وهو يضيف :
– لأنه ببساطة لا يوجد مخرج للفيلم من الأساس ..ولم يوجد أصلا !!
اتسعت عيناي في ذهول وأنا أحدق لدقائق لا أدرى عددها في وجه الرجل الذي أخذ يرتجف كورقة شجر في مهب الريح قبل أن يضيف :
هذا المكان مسكون ..مسكون بأشباح لا يدرى عددها إلا الله و …
وانحني فجأة يقبل يدى وهو يبكي :
ارجوك اهرب من هنا وخذني معك قبل أن يقتلوني !!
فاجأته بالموافقة على الفور وأنا أقول له :
حسنا …هيا بنا ..ولكن …من فضلك ناولني حقيبتي من دولاب الملابس وسوف نذهب في الحال !!
ارتسمت على وجهه إمارات السعادة وخطا نحو الدولاب بينما أسرعت أنا ناحية الباب فخرجت منه وأوصدته خلفي ..وعندها انتبه الرجل إلي فعلتي فراح يطرق الباب من الداخل كالمجنون وهو يصرخ:
ارجوك خذني معك ..لا تتركنى لهم ..يا أستاذ مجدى ..يا استااااذ مااااجددددي.
لم التفت إليه فقد أسرعت إلي سيارتي خارج الاستديو الذي انتبهت لأول وهلة أنه مبنى قديم متهالك للغاية !! وارتميت خلف مقودها قبل أن أدير محركها وأقودها في الطرقات كالمجنون !!
دعونى أصارحكم أن عم عثمان كان صادقاً طوال الوقت ولقد أثبت لي صدق كلامه دون أن يدرى عندما انحني ليقبل يدى بينما كان السكين الضخم منغرزا حتى نهاية مقبضه في ظهره !!
المدهش أنه كان يروى لي القصة وهو لا يدري أنه مقتول !!..وهذا يدل دون شك على أنه رجل ساذج ..ساذج إلي الحد الذي يجعله يثرثر كثيرا بدلا من أن يرتمي أرضاً دون حراك كأي قتيل يحترم نفسه!!
وبينما أنا غارق في أفكاري واسترجاع هذه المشاهد إذ بهاتفي المحمول يرن !!
فتحت الإتصال ليأتيني صوت مساعد المخرج !!
– أستاذ مجدي ..المخرج يبلغ حضرتك بتأجيل مشاهد نهاية الفيلم والتى كان من المقرر تصويرها اليوم إلي يوم آخر نظراً لإصابته بنزلة برد حادة !!
ضغطت فرامل السيارة فجأة مع كلماته فأحدثت صريراً عالياً قبل أن تتوقف في الوقت الذى أضاف هاتفا :
– بالمناسبة عم عثمان يريد مكالماتك !!
أتاني صوت الرجل العجوز وهو يقول في مرح :
– أهكذا تتركنى وتهرب يا أستاذ مجدي؟! .. عموماً حقيبتك معي ..اطمئن.